النبي يدعو على زوجته
– خَرَجْنَا مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ وَلَا نَرَى إلَّا أنَّهُ الحَجُّ، فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ تَطَوَّفْنَا بالبَيْتِ، فأمَرَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ مَن لَمْ يَكُنْ سَاقَ الهَدْيَ، أَنْ يَحِلَّ، قالَتْ: فَحَلَّ مَن لَمْ يَكُنْ سَاقَ الهَدْيَ، وَنِسَاؤُهُ لَمْ يَسُقْنَ الهَدْيَ، فأحْلَلْنَ، قالَتْ عَائِشَةُ: فَحِضْتُ، فَلَمْ أَطُفْ بالبَيْتِ، فَلَمَّا كَانَتْ لَيْلَةُ الحَصْبَةِ قالَتْ: قُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، يَرْجِعُ النَّاسُ بعُمْرَةٍ وَحَجَّةٍ، وَأَرْجِعُ أَنَا بحَجَّةٍ؟ قالَ: أَوْ ما كُنْتِ طُفْتِ لَيَالِيَ قَدِمْنَا مَكَّةَ؟ قالَتْ: قُلتُ: لَا، قالَ: فَاذْهَبِي مع أَخِيكِ إلى التَّنْعِيمِ، فأهِلِّي بعُمْرَةٍ، ثُمَّ مَوْعِدُكِ مَكانَ كَذَا وَكَذَا قالَتْ صَفِيَّةُ: ما أُرَانِي إلَّا حَابِسَتَكُمْ، قالَ عَقْرَى حَلْقَى، أَوْ ما كُنْتِ طُفْتِ يَومَ النَّحْرِ قالَتْ: بَلَى، قالَ: لا بَأْسَ، انْفِرِي. قالَتْ عَائِشَةُ: فَلَقِيَنِي رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ وَهو مُصْعِدٌ مِن مَكَّةَ وَأَنَا مُنْهَبِطَةٌ عَلَيْهَا، أَوْ أَنَا مُصْعِدَةٌ وَهو مُنْهَبِطٌ منها. وقالَ إسْحَاقُ: مُتَهَبِّطَةٌ وَمُتَهَبِّطٌ.
الراوي : عائشة | المصدر : صحيح مسلم | الرقم : 1211 | | التخريج : أخرجه البخاري (1561)، ومسلم (1211).
خَرَجْنَا مع النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ولَا نُرَى إلَّا أنَّهُ الحَجُّ، فَلَمَّا قَدِمْنَا تَطَوَّفْنَا بالبَيْتِ، فأمَرَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَن لَمْ يَكُنْ سَاقَ الهَدْيَ أَنْ يَحِلَّ، فَحَلَّ مَن لَمْ يَكُنْ سَاقَ الهَدْيَ، ونِسَاؤُهُ لَمْ يَسُقْنَ فأحْلَلْنَ. قالَتْ عَائِشَةُ رَضيَ اللهُ عنها: فَحِضْتُ، فَلَمْ أَطُفْ بالبَيْتِ، فَلَمَّا كَانَتْ لَيْلَةُ الحَصْبَةِ، قالَتْ: يا رَسولَ اللَّهِ، يَرْجِعُ النَّاسُ بعُمْرَةٍ وحَجَّةٍ، وأَرْجِعُ أَنَا بحَجَّةٍ، قالَ: وما طُفْتِ لَيَالِيَ قَدِمْنَا مَكَّةَ؟ قُلتُ: لَا، قالَ: فَاذْهَبِي مع أَخِيكِ إلى التَّنْعِيمِ، فأهِلِّي بعُمْرَةٍ، ثُمَّ مَوْعِدُكِ كَذَا وكَذَا. قالَتْ صَفِيَّةُ: ما أُرَانِي إلَّا حَابِسَتَهُمْ، قالَ: عَقْرَى حَلْقَى، أَوَما طُفْتِ يَومَ النَّحْرِ؟ قالَتْ: قُلتُ: بَلَى، قالَ: لا بَأْسَ، انْفِرِي. قالَتْ عَائِشَةُ رَضيَ اللهُ عنها: فَلَقِيَنِي النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو مُصْعِدٌ مِن مَكَّةَ وأَنَا مُنْهَبِطَةٌ عَلَيْهَا. أَوْ: أَنَا مُصْعِدَةٌ وهو مُنْهَبِطٌ منها.
الراوي : عائشة | المصدر : صحيح البخاري الصفحة أو الرقم: 1561 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] التخريج : أخرجه البخاري (1561)، ومسلم (1211).
كتاب مجمع الأمثال [الميداني، أبو الفضل] ج: 2 ص: ٣٨
الباب السادس عشر فيما أوله طاء ٢٥٦٢- عقرا حلقا
٢٥٦٢- عَقْراً حَلْقاً
في الدعاء بالهلكة، وفي الحديث حين قيل له عليه السلام: إن صفية بنت حُيَيٍّ رضي الله تعالى عنها حائض، فَقَال: عَقْرَى حَلْقِى، ما أراها إلا حابستَنَا ، قَال أبو عبيد، هو عَقْراً حلقا بالتنوين، والمحدِّثون يقولون: هو عَقْرى حَلْقَى، وأصل هذا ومعناه عَقَرَها الله وحَلَقها، وهذا كما تَقول: رَأَسْتُهُ وَعَضَدتْهُ وبَطَنْته، وقَال أبو نصر أحمد بن حاتم: يُقَال عند الأمر يعجب منه: خَمْشَى عَقْرَى حَلْقَى، كأنهُ الحلق والعَقر والخدش، وقال:
ألا قَوْمي أولو عَقْرى وحَلقَى … لَمَا لاَقَتْ سَلاَمانُ بنُ غَنْمِ
يعني قومي أولو نساء عقرى وحَلقى، أي قدّ عقرن وجوههن وحلَقنَ شعورهن متسلبات على أزواجهن.
قُلت: عقرى وحلقى في البيت جمع عقير وحليق، يقال: عقره إذا جرحه فهو عقير: أي جريح، والجمع عَقْرَ مثل قتيل وقتلى.
قَالَ الليث: يقال للمرأة عقرى حلقى، يعني أنها تحلق قومها وتعقرهم بشؤمها.
كتاب البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج [محمد بن علي بن آدم الأثيوبي] ج: ص: ٥٧٠
رقم الحديث: ١٢١١
(١٧) – (باب بيان أوجه الإحرام الثلاثة: الإفراد، والتمتع، والقران، وجواز إدخال الحج على العمرة، والأمر بفسخ الحج بعمل العمرة لمن لم يسق الهدي) فصل
أن تحتبس عليها، فلما سمعها النبيّ – صلى الله عليه وسلم – ظنَّ أنها لم تطف طواف الإفاضة، فأجابها بما يدلُّ على استثقاله احتباسه بسببها، فقال: (قَالَ: “عَقْرَى، حَلْقَى) الرواية فيه بغير تنوين، بألف التأنيث المقصورة.
قال القاضي: يقال للمرأة: “عقرى حلقى”؛ أي: مشوَّهة مؤذية، وقيل: تعقرهم وتحلقهم، وقيل: عقرى: ذات عقير.
و”حلقى”: أصابها وجع الحلق، وقيل: هي كلمة تقولها اليهود للحائض، وقال أبو عبيد: صوابه: عقرًا، حلقًا – بالتنوين – لأن معناه: عقرها الله عقرًا، وهذا على مذهبهم – أعني: العرب – فيما يجري على ألسنتهم؛ مما ظاهره الدعاء بالمكروه، ولا يقصدونه، على ما تقدَّم في الطهارة (١).
وقال النوويّ رحمه الله: وأما قوله – صلى الله عليه وسلم -: “عقرى حلقى” فهكذا يرويه المحدّثون بالألف التي هي ألف التأنيث، ويكتبونه بالياء، ولا ينونونه، وهكذا نقله جماعة لا يُحْصَون من أئمة اللغة وغيرهم، عن رواية المحدثين، وهو صحيح فصيح.
قال الأزهريّ في “تهذيب اللغة”:
قال أبو عُبيد: معنى “عَقْرَى” عقرها الله تعالى، و”حَلْقَى” حلقها الله،
قال: يعنى عقر الله جسدها وأصابها بوجع في حلقها، قال أبو عبيد: أصحاب الحديث يروونه: “عقرى حلقى”، وإنما هو: عقرًا حلقًا، قال: وهذا على مذهب العرب في الدعاء على الشيء من غير إرادة وقوعه، قال شَمِر: قلت لأبي عبيد: لم لا تجيز عقرى؟ فقال: لأن فَعْلَى تجيء نعتًا، ولم تجئ في الدعاء، فقلت: رَوَى ابن شُمَيل عن العرب: مُطَّيْرَى، وعَقْرَى أخفّ منها، فلم ينكره، هذا آخر ما ذكره الأزهريّ.
وقال صاحب “المحكم”: يقال للمرأة: عَقْرَى حَلْقَى، معناه: عقرها الله، وحلقها؛ أي: حلق شعرها، أو أصابها بوجع في حلقها، قال: فـ”عقرى” ها هنا مصدر كدَعْوَى، وقيل: معناه تَعْقِر قومها، وتَحلقهم بشؤمها،
وقيل: العقرى: الحائض، وقبل: عقرى حلقى؛ أي: عقرها الله، وحلقها، هذا آخر كلام صاحب “المحكم”. وقيل: معناه جعلها الله عاقرًا لا تَلِدُ، وحلقى مشؤمة على أهلها ، وعلى
———————————————
(١) “المفهم” ٣/ ٣١٥.
ص: ٥٧١
رقم الحديث: ١٢١١
(١٧) – (باب بيان أوجه الإحرام الثلاثة: الإفراد،
والتمتع، والقران، وجواز إدخال الحج على العمرة، والأمر بفسخ الحج بعمل العمرة لمن لم يسق الهدي) فصل
كل قول فهي كلمة كان أصلها ما ذكرناه، ثم اتَّسَعَت العرب فيها، فصارت تطلقها، ولا تريد حقيقة ما وُضِعت له أوّلًا، ونظيره: تَرِبَت يداه، وقاتله الله ما أشجعه، وما أشعره، والله أعلم. انتهى كلام النوويّ رحمه الله (١).
وقال في “الفتح”: قوله: “عَقْرَى حَلْقَى” بالفتح فيهما، ثم السكون، وبالقصر بغير تنوين في الرواية، ويجوز في اللغة التنوين، وصوّبه أبو عبيد؛ لأن معناه الدعاء بالعَقْر والْحَلْق، كما يقال: سَقْيًا ورَعْيًا، ونحو ذلك من المصادر التي يُدْعَى بها، وعلى الأول هو نعت لا دُعاءٌ، ثم معنى عَقْرَى: عَقَرها الله؛ أي: جرحها، وقيل: جعلها عاقرًا لا تلد، وقيل: عقر قومها، ومعنى حَلْقَى: حَلَق شعرها، وهو زينة المرأة، أو أصابها وجع في حلقها، أو حَلَق قومها بشؤمها؛ أي: أهلكهم.
وحَكَى القرطبيّ أنها كلمة تقولها اليهود للحائض، فهذا أصل هاتين الكلمتين، ثم اتَّسَعَتِ العرب في قولهما بغير إرادة حقيقتهما، كما قالوا: قاتله الله، وتربت يداه، ونحو ذلك.
قال القرطبيّ وغيره: شتان بين قوله – صلى الله عليه وسلم – لصفية، وبين قوله لعائشة لَمّا حاضت معه في الحج: “هذا شيء كتبه الله علي بنات آدم”؛ لما يُشعر به من الميل لها، والْحُنُوّ عليها، بخلاف صفية.
قال الحافظ: وليس فيه دليل على اتِّضاع قدر صفية عنده، لكن اختلف الكلام باختلاف المقام، فعائشة دخل عليها، وهي تبكي أَسَفًا على ما فاتها من النسك، فسَلّاها بذلك، وصفية أراد منها ما يريد الرجل من أهله، فأبدت المانع، فناسب كلًّا منهما ما خاطبها به في تلك الحالة. انتهى (٢)،
وهو توجيه حسنٌ، والله تعالى أعلم.
وقوله: (أَوَ مَا كُنْتِ) بفتح الواو، فالهمزة للاستفهام، والواو عاطفة.
وقوله: (طُفْتِ يَوْمَ النَّحْرِ؟) أي: طواف الإفاضة الذي هو ركن من أركان الحجّ.
وقوله: (لَا بَأْسَ، انْفِرِي) أي: اخرجي من منى راجعةً إلى المدينة من
———————————————
(١) “شرح النوويّ” ٨/ ١٥٣ – ١٥٤.
(٢) “الفتح” ٤/ ٧٢٢ – ٧٢٣.
