فنقلها أولا عن تفسير فرات الكوفي عن عبدالرحمن بن محمد العلوي و محمد بن عمرو الخراز عن إبراهيم بن محمد بن ميمون عن عيسى بن محمد عن جده عن أمير المؤمنين (ع) قال : سحر لبيد بن أعصم اليهودي وأم عبدالله اليهودية رسول الله (ص) .
وما في المطبوع هو ( فرات بن إبراهيم الكوفي قال حدثنا محمد بن عبدالله بن عمرو الخراز قال حدثنا إبراهيم – يعني بن محمد بن ميمون – عن عيسى يعني ابن محمد عن أبيه عن جده ” )
قلت : وسنده ضعيف .
وعلق العلامة المجلسي على الرواية بقوله : ” قد مر الكلام في تأثير السحر في الأنبياء والأئمة وأن المشهور عدمه ” ( بحار الأنوار – العلامة المجلسي – ج ٦٠ – الصفحة ٢٣)
اما سندها
1- عبدالرحمن بن محمد العلوي مجهول
مستدركات علم رجال الحديث – الشيخ علي النمازي الشاهرودي – ج ٤ – الصفحة ٤٢٠
7781 – عبد الرحمن بن محمد العلوي:
لم يذكروه. روى فرات عنه رواية كريمة. كمبا ج 13 / 230، وجد ج 53 / 118.
وروى فرات أيضا عنه ومحمد بن عمرو الخزاز، عن إبراهيم بن محمد بن ميمون – الخ. كمبا ج 14 / 573، وجد ج 63 / 22.
2-محمد بن عمرو الخراز مجهول
معجم رجال الحديث – السيد الخوئي – ج ١٨ – الصفحة ٢٨١
11838 – محمد بن معروف الخزاز:
قال النجاشي: ” محمد بن معروف الخزاز الهلالي،: عمر ولقي أبا عبد الله عليه السلام، وروى عنه أحاديث، رواها عبد الله بن محمد بن خالد الطيالسي، عنه.
أخبرنا الحسين بن عبيد الله، قال: حدثنا محمد بن محمد بن الحسين بن هارون، قال: حدثنا محمد بن جعفر الرزاز، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بكتابه “.
تقدم في ترجمة علي بن الحسن بن القاسم القشيري: أن التلعكبري ذكر أنه سمع منه أحاديث محمد بن معروف الهلالي.
3-عن إبراهيم بن محمد بن ميمون مجهول لم اجد له ترجمة
وعندهم عالم سني
ابن عبد الله بن عيسى بن مؤمل بن أبي البحر الشيخ العالم المعمر أبو الأصبغ الزهري الشنتريني .
سمع من كريمة ، والحبال ، وأبي معشر الطبري ، وأبي الوليد الباجي ، وابن دلهاث ، وعدة .
أخذ الناس عنه ، وسكن العدوة .
قال ابن بشكوال كتب لي القاضي أبو الفضل أنه توفي نحو سنة [ ص: 629 ] ثلاثين وخمسمائة ، وأنه أخذ عنه .
قلت : وروى عنه أبو بكر بن خير وقد روى ابن دحية عن ابن خير عنه ، عن كريمة من الصحيح .
سير أعلام النبلاءالذهبي صفحة 628
=======================
2- كتاب دعائم الإسلام . القاضي أبي حنيفة النعمان بن محمد التميمي المغربي
يقول السيد أبو القاسم الخوئي في ( معجم رجال الحديث ، ج ٢٠ ، ص ١٨٥) :
( وقال الشيخ صاحب الجواهر ( قدس الله نفسه ) في مسألة من فاتته صلوات متعددة بأن دعائم الإسلام مطعون فيه وفي صاحبه انتهى ، أقول أن كتاب ( دعائم الإسلام ) فيه من الفروع على خلاف مذهب الإمامية قد ذكر جملة منها في ذيل محاضراتنا في الفقه الجعفري ومع ذلك فقد بالغ شيخنا المحدث النوري ( قدس الله نفسه ) في اعتبار الرجل أنه كان من الإمامية الحقة فهو لم يثبت ، فالرجل مجهول الحال وعلى تقدير الثبوت فكتابه ( دعائم الإسلام ) غير معتبر لأن رواياته كلها مرسلة ” )
========================
البرسي مجهول لم يترجم وكذلك محمد بن يحيى الأرمني .
وأما محمد بن المفضل بن عمر ، فقد عده الشيخ ـ رحمه الله ـ وسائر أرباب الرجال من أصحاب الإمام الكاظم عليه السلام (رجال الطوسي : 361 رقم 32 )
فالظاهر أن روايته عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام مرسلة ، وهومجهوا الحال .
بقي الكلام على محمد بن سنان أبي جعفر الزاهري الخزاعي ، وقد اختلفت كلمتهم فيه ، و
المشهور بين الفقهاء وعلماء الرجال تضعيفه ـ كما نص عليه في التنقيح (تنقيح المقال 3 / 124 )
ونقل عن جماعة من الأكابر الطعن فيه والحط عليه .
فقد صرح الشيخ أبو جعفر الطوسي ـ رحمه الله ـ بضعفه في الرجال والفهرست ،
وقال في (التهذيب) : محمد بن سنان مطعون عليه ضعيف جدا ، وما يستبد بروايته ولا يشركه فيه غيره لا يعتمد عليه ، ونحوه كلامه في (الاستبصار) .
وقال أيضا ـ في أواخر باب الميم من رجاله ـ : مياح المدائني ضعيف جدا ، له كتاب يعرف ب : رسالة مياح ، وطريقها أضعف منها وهو محمد بن سنان .
وقال ابن الغضائري ـ رحمه الله ـ بترجمته : ضعيف ، غال ، يضع ، لا يلتفت إليه .
وقال المفيد رحمه الله ـ في رسالته التي في كمال شهر رمضان ونقصانه ، بعد نقل رواية دالة على أن شهر رمضان
لا ينقص أبدا ـ : وهذا حديث شاذ نادر غير معتمد عليه ، في طريقه محمد بن سنان وهو مطعون فيه ،
لا تختلف العصابة في تهمته وضعفه ، ومن كان هذا سبيله لا يعتمد عليه في الدين . انتهى .
وقد قدح فيه أيضا في كلام آخر .
وتوقف العلامة ابن المطهر ـ رحمه الله ـ فيه ، كما هو نص خلاصته .
ونسب التضعيف إلى جماعة آخرين ، منهم أبو محمد الفضل بن شاذان
وأيوب بن نوح وصفوان بن يحيى .
قال أبو عمرو الكشي في رجاله : قال أبو الحسن علي بن محمد بن قتيبة النيسابوري : قال أبو محمد الفضل بن شاذان : لا أحل لكم أن ترووا أحاديث محمد بن سنان .
وقال أيضا : قال حمدويه : كتبت أحاديث محمد بن سنان عن أيوب بن نوح وقال : لا أستحل أن أروي أحاديث ابن سنان .
وقال أيضا : ذكر حمدويه بن نصير أن أيوب بن نوح دفع إليه دفترا فيه أحاديث محمد بن سنان فقال لنا :
إن شيءتم أن تكتبوا ذلك فافعلوا ، فإني كتبت عن محمد بن سنان ولكني لا أروي لكم أنا عنه شيئا ، فإنه قال عند موته :
كل ما حدثتكم به لم يكن لي سماع ولا رواية وإنما وجدته . انتهى .
وقال ابن داود : روي عنه ـ يعني محمد بن سنان ـ أنه قال عند موته : لا ترووا عني مما حدثت شيئا ، فإنما هي كتب اشتريتها في السوق .
وممن ضعفه من أجلة أهل العلم الشيخ الإمام المحقق نجم الدين ابن سعيد في مواضع من المعتبر ،
والعلامة ابن المطهر في موضع من المختلف ، والآبي في كشف الرموز ، والشهيد الثاني في المسالك ،
والمحقق الأردبيلي ، وتلميذه صاحب المدارك ، وصاحب الذخيرة ، وحكي ذلك أيضا عن المعتصم والمنتقى ومشرق الشمسين ،
والحبل المتين ، وحاشية المولى صالح ، والتنقيح ، والفخري في مرتب مشيخة الصدوق ، والذكرى ، والروضة ، وغيرها .
فالحزم اجتناب أحاديثه لا سيما في المسائل الأصولية ـ كالتي نحن فيها ـ ، وإن احتجوا ببعضها في الفروع فإنما ذلك لوجود متابعة ،
أو قيام شاهد ، أو تحقق انجبار الضعف بعمل الأصحاب ، أو لأجل الاستناد إلى قاعدة التسامح في
أدلة السنن والكراهة في مواردها عند الذاهب إلى حجيتها وتماميتها ، وغير ذلك .
وإن أبيت إلا القول بوثاقته ـ استنادا إلى ذب صاحب التنقيح عنه ـ فإن
الآفة لا ترتفع من الحديث أيضا ، لجهالة سائر رجال السند ـ كما عرفت آنفا ـ .
ولا يخفى عليك أن أكثر ما ذكره المامقاني ـ رحمه الله ـ في الذب عنه وأجاب به عن المطاعن والقوادح التي رمي بها لا تأبى المؤاخذة والايراد .
هذا ، مع أن الجرح هنا مفسر فيقدم على المدح والتوثيق على مقتضى القاعدة المقررة في محلها .
فإن قلت : سلمنا ، إلا أن الشيخ ـ رحمه الله ـ قد علق في التهذيب والاستبصار ، وكذا النجاشي ـ رحمه الله ـ
في رجاله عدم الاعتماد على روايته على ما استبد بروايته ولم يشركه فيه غيره ـ كما مر آنفا ـ وهذا الحديث ليس كذلك ، إذ قد روي من وجوه أخر .
قلت : مضافا إلى أن الأكثر أطلقوا القول بتضعيفه ولم يقيدوه بذلك ـ ومنهم الشيخ رحمه الله
في كتابيه الرجال والفهرست ـ فإن جميع الأخبار المروية في هذا الباب مرمية بالضعف والشذوذ ،
ورطل منها لا يقام له وزن ولا يسوي دانقا ، ورواتها بين مجهول ووضاع .
وبالجملة : فليس في المقام ما يوجب الركون ويورث السكون إلى هذا الحديث وأضرابه ، بل الصارف عنه وعن أمثاله قوي ،
ولو سلمنا فغاية ما تفيده الأحاديث الواردة في هذا الشأن الظن ، وظاهر أنه لا يكتفى به فيما نحن فيه ،
بل لا بد من القطع واليقين والعلم الذي لا يعتريه شك ولا ريب ، فتنبه
========================
آراء العلماء في هذه القصة :
1- الشيخ الطوسي .
قال في ( التبيان في تفسير القرآن ج10 ص 434 ) :
” ولا يجوز أن يكون النبي (ص) سحر على ما رواه القصاص الجهال ، لأن من يوصف بأنه مسحور فقد خبل عقله ، وقد أنكر الله تعالى ذلك في قوله تعالى ( وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَّسْحُورًا ) ، ولكن يجوز أن يكون بعض اليهود اجتهد في ذلك فلم يقدر عليه ، فأطلع الله نبيه على ما فعله حتى استخرج ما فعلوه من التمويه ، وكان دلالة على صدقه ومعجزة له “
أقول : انظروا لعلماء الشيعة كيف يجتهدون بتأويل الأمور ليتجنبوا القدح بعصمة الأنبياء عليهم السلام .
2- العلامة المجلسي :
ونقل المجلسي في الجزء 18 عن ( طب الأئمة ) ثم قال بعدها : ” المشهور بين الإمامية عدم تأثير السحر في الأنبياء والأئمة (ع) وأولوا بعض الأخبار الواردة في ذلك وطرحوا بعضها .
3- الشيخ الطبرسي
( المصدر : بحار الأنوار ج 18 ص70 ) :
( روي أن لبيد بن أعصم اليهودي سحر رسول الله (ص) ثم دس ذلك في بئر لبني زريق …
ورووا ذلك عن عائشة وابن عباس ، وهذا لا يجوز لأن من وصف بأنه مسحور فكأنه قد خبل عقله ، وقد أبى الله سبحانه ذلك في قوله ( وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَّسْحُورًا * انظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا )
ولكن يمكن أن يكون اليهودي أو بناته على ما يروى اجتهدوا في ذلك فلم يقدروا عليه واطلع الله نبيه (ص) على ما فعلوه حتى استخرج وكان ذلك دلالة على صدقه (ع) وكيف يجوز أن يكون المرض من فعلهم ، ولو قدروا على ذلك لقتلوه وقتلوا كثيرا من المؤمنين مع شدة عداوتهم لهم )
4- أبو جعفر الاسترابادي
( نقل العلامة المجلسي رأي أبي جعفر الاسترابادي – يظهر من ابن حجر إنه من علماء الشافعية – في سحر اليهودي النبي (ص) حيث قال : ” وهذه أخبار آحاد لا يعمل عليها في هذا المعنى ، وقد روي عن عائشة أنها قالت : سحر رسول الله (ص) في عمل فيه السحر ، وهذا معارض ذلك ” ) ( بحار الأنوار ج63 ص 28 )
5- العلامة الحلي عن كتابه المنتهى
( بحار الأنوار ، ج63 ص 30 )
( قول العلامة في ( المنتهى ) : ” وقد روى الجمهور عن عائشة أن النبي (ص) سحر حتى يرى أنه يفعل الشيء ولا يفعله … رواه البخاري … وهذا القول عندي باطل والروايات ضعيفة خصوصا رواية عائشة لاستحالة تطرق السحر إلى الأنبياء عليهم السلام ” )
6- ابن شهرآشوب
( بحار الأنوار ، ج 31 ،ص302-303 ) :
( ” المفسرون في قوله تعالى ( وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ ) أنه لما سحر النبي (ص) لبيد بن أعصم اليهودي … … إن صح هذا الخبر فليتأول وإلا فليطرح ” )
===================
استدلال المجسم على الشيعة :
قول الشيخ محمد صنقور :
( فلا محذور من الالتزام بمضمونها، إذ لا مانع من الالتزام بإمكانية تأثُّر جسد النبي (ص) بالسحر، فالعصمة الثابتة للنبي (ص) يقيناً لا تقتضي مصونية جسده من التأثر بالسحر )
قلت : وهذا القول لا يثبت مراد المجسم ، فتأثر الجسد أمر مغاير تماماً لتأثر العقل ، وهذا ما حصل مع سيدنا موسى عليه السلام على ما سنتطرق له من استدلال المجسمة بهذه الحادثة .
==================
استدلالهم بحادثة سحر موسى عليه السلام .
يقول الشيخ عبد الله دشتي في كتابه ( النفيس في رزية الخميس )
ويحاول البعض الاستدلال بقوله تعالى ( فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى ) ، بتقرير إن الآية تصرح بتأثر موسى بسحرهم .
فنقول إن الذي نمنعه ويمنعه علماؤنا هو التأثير العقلي على النبي بمعنى أن يتخيل أمور لم يفعلها ، وأما أن عينه كعين غيره من الناس تتأثر بقوانين الطبيعة ، فيتخيل إليه إن العصا التي في الماء مكسورة كما يتخيل لنا ، فهذا أمر لا نمنع وقوعه للنبي ، ولكن النبي لوعيه يلتفت إلى أنها صحيحة غير مكسور ، وإن الكسر مجرد تخيل ، لا أن يعتقد أنها مكسور حقيقة كما نسبوا إلى رسول الله (ص) في أمر سحره ، ولم يكن ما فعله سحرة فرعون إلا بعض الألعاب الفيزيائية التي يتخيل معها الناظر أن الحبال والعصي تتحرك .
قال ابن كثير في تفسيره ( ج3 ، ص166 ) ” وذلك أنهم أودعوها من الزئبق ما كانت تتحرك بسببه وتضطرب وتميد بحيث يخيل للناظر أنها تسعى باختيارها ، وإنما كانت حيلة “
وقال الشيخ الطوسي في ( التبيان ، ج7 ص186) : ” وإنما قيل يخيل لأنها لم تكن تسعى حقيقة وإنما تحركت لأنه قيل إنه كان جعل داخلها زئبق ، فلما حميت الشمس طلب الزئبق الصعود فتحركت العصي والحبال ، فظن موسى أنها تسعى “
وقال ابن حجر في ( الفتح ج10 ، ص 225 ) : ” وقوله تعالى ( يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى )هذه الآية عمدة من زعم أن السحر إنما هو تخييل ، ولا حجة له بها لأن هذه وردت في قصة سحرة فرعون ، وكان سحرهم كذلك ، قال أبو بكر الرازي في ( الأحكام ) : أخبر الله تعالى أن الذي ظنه موسى من إنها تسعى لم يكن سعيا وإنما كان تخييلا وذلك إن عصيهم كانت مجوفة قد ملئت زئبقا … “
………………
وقد أنكر الحديث جمع من أهل السنة وصرح بذلك ابن الجوزي في ( كشف المشكل ، ج4 ص 342 ) قال : ” وقد أنكر قوم من المتكلمين صحة هذا الحديث وقالوا : لو جاز أن يؤثر السحر في رسول الله (ص) لم يؤمن أن يؤثر ذلك في الوحي إليه فيقع الضلالة والجواب : … والأنبياء بشر يجري عليهم ما يجري على البشر إلا ما يتعلق بالوحي محفوظ وهم محفوظون فيه … “
والمنكرين للحديث وصفوهم بالمبتدعة
و ذكر ذلك ابن حجر في ( الفتح ج10 ، ص 226- 227 ) قال : ( قال المازري : أنكر بعض المبتدعة هذا الحديث وزعموا أنه يحط منصب النبوة ويشكك فيها )
وختم الشيخ دشتي بقوله وهو خلاصة الموضوع عندي وما نريد إفهامه للمجسمة :
( المهم المقدار الذي يمكن قبوله هو السحر الذي يصيب البدن دون أن يصيب عقل وإدراك النبي للأمور ، كما أيد ذلك السيد الطباطبائي ، وقد نقلنا قوله فيما سبق )
عند المخالفين
روى البخاري بسنده في صحيحه ( ج 4 ، ص 122 ، ح رقم 3268 – ، ط1 ، دار طوق النجاة )
( عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: سُحِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ اللَّيْثُ: كَتَبَ إِلَيَّ هِشَامٌ أَنَّهُ سَمِعَهُ وَوَعَاهُ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشةَ قَالَتْ: سُحِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى كَانَ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَفْعَلُ الشَّيْءَ وَمَا يَفْعَلُهُ، حَتَّى كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ دَعَا وَدَعَا، ثُمَّ قَالَ: ” أَشَعَرْتِ أَنَّ اللَّهَ أَفْتَانِي فِيمَا فِيهِ شِفَائِي، أَتَانِي رَجُلاَنِ: فَقَعَدَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِي وَالآخَرُ عِنْدَ رِجْلَيَّ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ مَا وَجَعُ الرَّجُلِ؟ قَالَ: مَطْبُوبٌ، قَالَ: وَمَنْ طَبَّهُ؟ قَالَ لَبِيدُ بْنُ الأَعْصَمِ، قَالَ: فِيمَا ذَا، قَالَ: فِي مُشُطٍ وَمُشَاقَةٍ وَجُفِّ طَلْعَةٍ ذَكَرٍ، قَالَ فَأَيْنَ هُوَ؟ قَالَ: فِي بِئْرِ ذَرْوَانَ ” فَخَرَجَ إِلَيْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ لِعَائِشَةَ حِينَ رَجَعَ: «نَخْلُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ» فَقُلْتُ اسْتَخْرَجْتَهُ؟ فَقَالَ: «لاَ، أَمَّا أَنَا فَقَدْ شَفَانِي اللَّهُ، وَخَشِيتُ أَنْ يُثِيرَ ذَلِكَ عَلَى النَّاسِ شَرًّا» ثُمَّ دُفِنَتِ البِئْرُ )
( تفسير المراغي ، ج 30 ، ص 268 ، ط1 ، الناشر: شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابى الحلبي وأولاده بمصر ) ، يقول :
( قد رووا هاهنا أحاديث فى أن النبي صلى الله عليه وسلم سحره لبيد بن الأعصم، وأثّر سحره فيه حتى كان يخيل إليه أنه يفعل الشيء وهو لا يفعله، أو يأتى شيئا وهو لا يأتيه، وأن الله أنبأه بذلك، وأخرجت موادّ السحر من بئر، وعوفى صلى الله عليه وسلم مما كان نزل به من ذلك ونزلت هذه السورة.
والذي يجب علينا اعتقاده أن القرآن المتواتر جاء بنفي السحر عنه عليه الصلاة والسلام، حيث نسب القول بإثبات حصوله له إلى المشركين ووبخهم على ذلك.
والحديث على فرض صحته من أحاديث الآحاد التي لا يؤخذ بها فى العقائد، وعصمة الأنبياء عقيدة لا يؤخذ فيها إلا باليقين، ونفى السحر عنه صلى الله عليه وسلم لا يستلزم نفى السحر مطلقا، فربما جاز أن يصيب السحر غيره بالجنون، ولكن من المحال أن يصيبه صلى الله عليه وسلم، لأن الله عصمه منه.
إلا أن هذه السورة مكية فى قول عطاء والحسن وجابر، وما يزعمونه من السحر إنما وقع بالمدينة، فهذا مما يضعف الاحتجاج بالحديث، ويضعف التسليم بصحته.
وعلى الجملة فعلينا أن نأخذ بنص الكتاب، ونفوض الأمر فى الحديث ولا نحكمه فى عقيدتنا اهـ )
